الإسلاميون وانتقاد الذات
فالنقد نوعان:
نقد بنَّاء، ونقد هدَّام، وقد سبق أن أشرنا إليهما في مقالنا السابق ونحن نتحدث عن المعارضة الرشيدة والمناضلين الافتراضيين.
وعلماء الاجتماع والتنمية البشرية يقولون: ما لم يدركِ المرءُ نقاطَ قوته، فلن يُجيدَ توظيفها، وما لم يدركْ نقاطَ ضعفه، فلن يمكنه علاجُها، أو تفادي ضررها.
لذا؛ فنحن بحاجة ماسة إلى انتقاد ذواتنا بصدق وشفافية؛ لنتعرف على مواطن القوة ومواطن الضعف، فنسعى إلى معالجة الأخطاء، وتصحيح المسار، وتقويم المنهج؛ حتى نكون قد خطَوْنا الخطوة الأولى على طريق البناء، فنقدُ الذات أصلٌ أصيلٌ للبداية الصحيحة نحو النجاح والنهوض بالأمَّة.
ولا شك أن المراجعاتِ الشهيرةَ للجماعة الإسلامية في مصر كانت ثمرة من ثمار نقد الذات.
وفي إحدى لقاءاتي مع الشيخ الدكتور سعيد عبدالعظيم - نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية المؤسسة لحزب النور - قال الشيخ - حفظه الله -:
"فرق بين عالِم الحزب وعالِم الأمَّة؛ لأن عالِمَ الحزب (مرقعاتي) يُعلي مصلحة الحزب، ويدافع عنه، ويلوي الكلامَ؛ ليدافع عن أخطاء الحزب".
وفي لقاء آخر مع الشيخ فتحي عثمان - مؤرخ جماعة أنصار السنة وعضو مجلس إدارتها - كنا نتحدث عن آراء بعض المنتمين للجماعة وموقفهم من السياسة، فقال ما نصه: "نحن عندنا حُمق فيما يخص السياسة، نعم نحن جماعة دعوة، ولا نشتغل بالسياسة، ولكن علينا أيضًا ألا ننعزلَ عن الأحداث؛ فليس هذا بالمنهج الصحيح، ولم يكن هذا دأب مؤسسي الجماعة".
ولا شك أن هذين المثالَيْنِ دليلٌ واضح على نقد الذات؛ فالأول ينتقد محاولةَ ليِّ عنق النصوص التي يقع فيها دعاةُ الحزب أحيانًا أثناء دفاعهم عن أخطاء الحزب، والآخر ينتقد تعامل كثير من دعاة أنصار السنة مع الأحداث السياسية، وهما صادران عن رمزين من رموز المؤسستين.
لذلك علينا أن نتقبَّل النقد الموضوعي البنَّاء الذي يهدف إلى الإصلاح والتقويم، ويحدِّد العيوب، ويقترح الحلولَ؛ فالمؤمن مرآة أخيه، ولنا أن نرفض النقد الهدَّام الذي يهدف إلى التجريح والإساءة، ولا يراعي الموضوعية.
ولكن في رفضنا للنقد الهدام علينا أن نتحلى بأخلاق الإسلام، فلا نرد السيئةَ بالسيئة، وإنما ندفعها بالحسنة؛ عملاً بقوله - تعالى -: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾ [المؤمنون: 96].
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/45059#ixzz2IzEmPcsQ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق