siege auto weight loss success stories
  دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

السبت، 2 فبراير 2013

منازل الشهداء


منازل الشهداء
الحمد لله الذي وهب الحياة للعباد، وهيأهم للعمل الصالح وزوَّدهم التقوى ليوم المعاد، سبحانه.. ملهم الخير وكاشف الضر ومدبر الأمر ومجرى تصاريف الحياة على ما قدَّرَ وأراد.

يا إله العالمين ويا رجاء السائلين:
يا من إليه جميع الخلق يبتهلُ 
وكل حَيٍّ علي رحماه يتكلُ 

يا من نئا ورأي ما في القلوب وما 
تحت الثري وحجاب الليل منسدلُ 

أنت المنادي به في كُلِّ نائبةٍ 
وأنت ملجأُ من ضلتْ به السبلُ 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، القائم مع كل نفسٍ ورازقها هداها ويعلم سرها ونجواها، وهو على كل شئٍ قدير.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، الذي أفاض على الخلق من نور الوحي ما أقام الله به ميزان الوفاء للإيمان، ورعاية حرمة الأوطان في قلوب أهل القرآن فقدموا من روائع الفداء ما سجله التاريخ من شوامخ الأعلام لأمة الإسلام.

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فإن للشهداء فضلاً لا تحتويه العبارة ولا تحدُّه الإشارة، ولهم منازلُ من النعيم الخاص الممدود من الله واهب الخيرات للمحسنين، ذلك أنهم استرخصوا أرواحهم فداءً لدينهم وثوابتهم، وقدموا لله كل شئ ولم يأخذوا من دنيا الناس شيئاً، إنهم هم المثلُ الباقية والقدواتُ الماثلة للأجيال المؤمنة وهي تخطو نحو النصر وبناء الأوطان في كل مرحلة، ولهذا فقد ربح بيع نفوسهم لمولاهم وهو أعلم بهم، أليس هو القائل سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾[1]، [قال عبد الله بن رواحة، رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني ليلة العقبةِ -: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنة. قالوا: رَبِح البيعُ، لا نُقِيل ولا نستقيل، فنزلت الآية][2].

وفي هذا كرمٌ إلهيٌّ عظيمٌ قال فيه حبر الأمة عبد الله بن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما: " أرواحٌ هو خالقها وأموالٌ هو رازقها ثم بعد ذلك يشتريها منا بالجنة "؟!.

ومع هذا فلا يعرف قدر النفس ويعادلها ثمنها إلا من خلقها سبحانه، لأنه أعلم بها: ﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾[3].

ومن باعها لغير الله فقد نالته صفقة غبنٍ وإهدارٍ، كان الأصمعي ينشد جعفر الصادق رضي الله عنه:
أُثَاِمنُ بالنفس النفيسةِ ربَّها 
وليس لها في الخلق كلهم ثمنُ 

بها تُشْتَرَي الجنَّاتُ إنْ أنَا بعتُها 
بشيءٍ سواها إنَّ ذلكم غبنُ 

لئنْ ذهبتْ نفسي بدُنْيَا أصبتُها 
لقدْ ذهبتْ نفسي وقد ذهبَ الثَّمنُ 

أعلى المنازل:
والشهداء أحياءٌ عند ربهم لا يدركهم الفناء ولا العدم يتمتعون بنعيم الجنة على الدوام خالدين فيها، قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ﴾[4]، وحياة الشهداء على معنيين:

الأول حياة الذكر الجميل ولسان الصدق في الحب والتذكار الدائم والشعور من الناس بالفضل والمنِّ للشهداء كونهم آثروا الناس عليهم في طلبهم للشهادة في مظانها، فالشهيد بهذا المعنى من أجود الخلق وأكثرهم فضلاً وعطاءً:
يجودُ بالنَّّّفسِ أّنْ ضنَّ الجبانُ بها 
والجودُ بالنَّفس أقْصَى غايةُ الجُودِ 

فكانهم باقون في الدنيا بذكرهم وثناء الناس عليهم على حدِّ قول من قال:
يا رُبَّ حيٍّ رخام القبر مسكنه 
ويا رُبَّ ميْتٍ على أقدامه انتصبا

وأما المعنى الثاني فقد بينه كثيرٌ من العلماء والمفسرين حيث قالوا بأن هذه الحياة حقيقية كاملة المعنى بياناً لقوله تعالى أيضاً: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[5] وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أصيب إخوانكم بأُحُدٍ جعل الله أرواحهم في جوف طيرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم" - قال - فأنزل الله ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ﴾ إلى آخر الآيات))[6]، وروى ابن ماجة رحمه الله تعالى قال: عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: ((لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أُحد، لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ وقال يحيى في حديثه فقال: يا جابر ما لي أراك منكسرا؟ قال: قلت: يا رسول الله أستشهد أبي وترك عيالاً وديْناً. قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى: يا رسول الله قال: ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا، فقال: يا عبدي تمن علي أعطك قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. فقال الرب سبحانه: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي، قال فأنزل الله تعالى: ﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾[7]، وقد طمأن هذا المعنى المبارك نفوس أهل الشهداء بعد استشهادهم وحزنهم على فراقهم وخصوصاً إذا أصابتهم نعمةٌ وسرورٌ تحسروا وقالوا: نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور، فكان هذا القبس القرآني يمدهم بالبشرى ويقويهم على الفراق بالمصابرة واليقين.

ومن فضل الله تعالى عليهم أن لهم منازل من النعيم يوم القيامة حيث لا يفزعون ولا يحيق بهم خوف ولا أذى، قال الله تعالى: ﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾[8]، وتفسيراً لذلك فقد جاء في حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه))[9]، فسبحان الواهب المنان.

أنبياءٌ في مواكب الشهداء:
ومن الأنبياء من أذاقه الله تعالى طعم الشهادة كنبي الله زكريا نبي الله يحيي عليهما السلام وغيرهما كثيرٌ من أنبياء بني إسرائيل كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾[10] وقوله: ﴿ وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾[11]، وروى ابن جريرٍ رحمه الله من حديث أبي عبيدة رضي الله عنه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مئة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف، ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم، وهم الذين ذكر الله عز وجل؛ يعني قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾[12][13].

وروى ابن أبي حاتم رحمه الله عن ابن مسعودٍ رضي الله عنهقال: " قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة نبيٍّ من أول النهار وأقاموا سوق بقلهم من آخره".

ومن اختصاص الله بالفضل لسيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنه جمَّع له بين أجر الموت وأجر الشهادة، إذ كانت أكلة المرأة الخيبرية تعاوده بالألم كل حينٍ حتى وافاه الأجل بسببها، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم))[14].

ولفضل الشهادة في سبيل الله تعالى فقد كان يتمناها سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فها هو خالد على فراش الموت يقول: " ما من موضع شبرٍ في جسدي إلا وفيه ضربةٌ بسيف أو طعنةٍ برمحٍ، وما من ليلةٍ عندي يهدي إليَّ فيها عروس أحب إليَّ من ليلةٍ شاتيةٍ أصبح فيها العدو ثم ها أنا ذا أموت على فراشي موتة البعير فلا نامت أعين الجبناء ".

وممن طلبوا الشهادة ونالوها عمير بن الحمام رضي الله عنه الذي يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر يقول: ((قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله! جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخٍ بخٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟ قال: لا. والله يا رسول الله إلى رجاءة أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها فأخرج تمرات من قرنه. فجعل يأكل منهن. ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياةٌ طويلةٌ. قال فرمى بما كان معه من التمر. ثم قاتل حتى قتل))[15].

ومنهم ذلك النجدي كما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بخباء أعرابي وهو في أصحابه يريدون الغزو فرفع الأعرابي ناحية من الخباء فقال: من القوم؟ فقيل: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يريدون الغزو فقال: هل من عرض الدنيا يصيبون؟ قيل له: نعم يصيبون الغنائم ثم تقسم بين المسلمين فعمد على بكرٍ له فاعتقله وسار معهم فجعل يدنو ببكره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أصحابه يذودون بكره عنه فقال صلى الله عليه وسلم: دعوا لي النجدي فو الذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة قال: فلقوا العدو فاستشهد فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقعد عند رأسه مستبشراً أو قال: مسروراً يضحك ثم أعرض عنه فقلنا: يا رسول الله رأيناك مستبشراً تضحك ثم أعرضت عنه؟ فقال: أما ما رأيتم من استبشاري -أو قال: سروري- فلما رأيت من كرامة روحه على الله عز وجل وأما إعراضي عنه: فإن زوجته من الحور العين الآن عند رأسه))[16].

ويأتي أحد الأصحاب في توزيع الغنائم ذات متعللاً برجاء ما عند الله والدار الآخرة رافضاً كل عطاءٍ دنيويٍّ من غنائم الحرب، فعن شداد بن الهاد رضي الله عنه: ((أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه ثم قال أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه فقال ما هذا؟ قالوا قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا؟ قال: قسمته لك قال ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أرمى ههنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة قال: إن تصدق الله يصدقك ، فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي صلى الله عليه وسلم أهو هو فقالوا نعم. قال: صدق الله فصدقه" ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم " ثم قدمه فصلى عليه فكان مما ظهر من صلاته عليه. اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك فقتل شهيدا أنا شهيد عليه))[17].

وكان من أحرِّ الرجاء عند عبد الله بن جحشٍ رضي الله عنه أنه يخاطب ربه بقوله: ((اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني، ثم يبقروا بطني، ويجدعوا أنفي وأذني. ثم تسألني: فيم ذلك؟ فأقول: فيك))[18].

وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يقول:
لكنني أسأل الرحمن مغفرةً 
وضربةً ذات فرغٍ تقذف الزبدا 

أو طعنةً بيدي حران مجهزةً 
بحربةٍ تنفذ الأحشاء والكبدا 

حتى يقال إذا مروا على جدثي 
يا أرشد الله من غازٍ.. وقد رشدا 

وخبيب بن عدي رضي الله عنه يقول وهو يجود بآخر أرماق الحياة:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً 
على أي جنبٍ كان في الله مصرعي

وأما أنس بن النضر فقد قاتل على منتهي صبره وقدرته في أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفتقده بعد المعركة ويبعث من يبحث عنه، ويقول: ((من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع؟ أفي الأحياء هو أم في الأموات؟ فقال رجلٌ من الأنصار: أنا. فنظر، فوجده جريحا في القتلى وبه رمق. فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ فقال: أنا في الأموات، فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامي وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف))[19].

وفي زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤسر شابٌ من الصحابة الأجلاء وهو عبد الله بن حذافة السهمي وينوِّع عليه قيصر الروم من صور العذاب ما يذيب الأرواح والمهج لدرجة أنه يأمر به أن يلقوه في إناءٍ فيه زيتٌ يغلي كالحميم وإذا به يبكي فيقول له ما يبكيك؟ قال: أبكاني أن كنت أتمنى أن يكون بعدد ما رأسي من شعرٍ أنفس تلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله.

وكذلك كان أهل الله يرجون الشهادة من أي طريق، فها هو أحدهم يداعب جرحه بعد المعركة ويقول له: إنك جرحٌ صغير.. وقد يبارك الله في الجرح الصغير، يقصد أن يزيد ألمه في جراحه حتى يستشهد في سبيل الله.

اتساع معنى الشهادة:
وقد يظن البعض أن الشهداء هم من سقطوا في أرض القتال فقط، وفي هذا تضييقٌ لمعناها فإن هناك من الشهداء من لم يمت في أرض القتال وقد فاز بالشهادة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل، قالوا: فمن هم؟ يا رسول الله! قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في الطاعون فهو شهيد. ومن مات في البطن فهو شهيد. قال ابن مقسم: أشهد على أبيك، في هذا الحديث؛ أنه قال: والغريق شهيد. وفي رواية: قال عبيد الله بن مقسم: أشهد على أخيك أنه زاد في هذا الحديث: ومن غرق فهو شهيد. وفي رواية: زاد فيه: والغرق شهيد))[20]، وعن سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد))[21].

الشهادة علمها عند الله:
وقد أسرف الناس في هذه الأيام حيال الشهادة والشهداء وأطلقوا لألسنتهم العنان فزينوا مصارع الكثير ممن فارقوا الحياة بأوسمة الفخر على أنهم من أهل الشهادة على اليقين، وما هكذا يكون الإنصاف في الحكم على خلق الله تعالى، فهو سبحانه أعلم بهم أليس هو القائل ﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾[22]، فالشهداء المقيدون "عند ربهم" – لا عند الناس - هم الشهداء على اليقين، أما أمر الناس فيحكمه التوهم أو الظن ويجمله الهوى، فهذا عبدٌ قضى نحبه في أرض النزال مع اليهود وقد ((أصابه سهم عائر، فمات، فقال له الناس: هنيئاً له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشعل عليه نارا، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نار، أو شراكان من نار))[23].

وهذا مقاتلٌ من الدرجة الأولى قد حصد رؤوس الأعداء بعددٍ كثيرٌ لكنه ليس من أهل الجنة وليس له من الشهادة نصيبٌ ولن ينزل منازل الشهداء أبداً كما جاء عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: ((التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجلٌ لا يدع من المشركون شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه، فقيل: يا رسول الله، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان، فقال: إنه من أهل النار. فقالوا: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجلٌ من القوم: لأتبعنه، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جرح، فاستعجل الموت، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: وما ذاك؟. فأخبره، فقال: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وإنه من أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة))[24].

ومن العجائب اللافتة أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة شهيدٌ وعالمٌ ومنفقٌ، والبلاء ناتجٌ في حالهم من نياتهم السيئة وعدم إخلاصهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب. قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله له: بل أردت أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب. قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له: كذبت. وتقول الملائكة له: كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال: فلان جواد وقد قيل ذلك. ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله له: فيماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جرئ، فقد قيل ذلك. ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة: أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة))[25]، فلهذا.. على المسلم أن لا يقطع لأحدٍ في أمر الشهادة بل يقول: نحسبه شهيداً والله بحاله أعلم.

وأخيراً:
لا يعادل أجور الشهداء إلا أهل الطاعات المتنوعة من صلاةٍ وصدقاتٍ وقيامٍ وصيامٍ وبذل معروفٍ وجهاد في سبيل الله وتحصيل علم وإصلاحٍ بين الناس وغيرها من صور الطاعات الصالحة النافعة، فلأهل العمل الصالح الصحبة الكريمة مع الأنبياء والشهداء، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ﴾[26].

ومما يعادل أجور الشهداء ويوزن بدمائهم يوم القيامة أحبار أقلام العلماء، قال الحسن رضي الله عنه: " يوزن مداد العلماء، ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء "[27].

ونسأل الله تعالى عيش السعداء وأجور الشهداء.

والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.


[1] التوبة:111.
[2] الإمام ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 2/218 تحقيق سامي بن محمد سلامة / دار طيبة للنشر والتوزيع ط2 – 1999م.
[3] الملك:14.
[4] البقرة:154..
[5] آل عمران: 169/170.
[6] المنذري في الترغيب والترهيب 2/284 بإسنادٍ صحيحٍ أو حسن أو ما يقاربهما عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.
[7] الألباني في صحيح ابن ماجة 158 بسندٍ حسنٍ.
[8] الحديد: من الآية19.
[9] الترمذي في السنن 1663 وقال : حديثٌ صحيحٌ غريبٌ عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه.
[10] آل عمران: من الآية 112.
[11] آل عمران: من الآية181 ، والنساء: من الآية 155.
[12] آل عمران:21.
[13] الألباني في السلسلة الضعيفة 5461 بسندٍ ضعيفٍ عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
[14] صحيح البخاري 4428.
[15] صحيح مسلم 1901 عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه.
[16] الدمياطي في المتجر الرابح 189 بإسنادٍ حسن عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
[17] النسائي في السنن الكبرى 2091 ، والمنذري في الترغيب والترهيب 2/266 بسندٍ صحيحٍ أو حسن أو ما يقاربهما.
[18] الألباني في فقه السيرة 262 عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه.
[19] الألباني في قفه السيرة 269 عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة رضي الله عنه.
[20] صحيح مسلم 1915.
[21] ابن حجر العسقلاني في تخريج مشكاة المصابيح 3/400 بسندٍ حسنٍ.
[22] الحديد: من الآية 19.
[23] البيهقي في السنن الصغير 3/398 بسندٍ ثابتٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[24] صحيح البخاري 4207.
[25] سنن الترمذي 2383 والحديث حسنٌ غريبٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[26] النساء: 69.
[27] الدمياطي في المتجر الرابح 18.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/39499#ixzz2Jg3VRIr7
siege auto

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق