siege auto weight loss success stories
  دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

الخميس، 31 يناير 2013

دروس وعبر من محن بعض العلماء

دروس وعبر من محن بعض العلماء

دروس وعبر من محن بعض العلماء



أهمية دراسة حياة الصالحين:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

الرسول هو معلِّمُنا ومرشدنا الأول، فيجب على كل مسلمٍ ومسلمة أن يَدرُس سيرته من ولادته إلى وفاته، والاقتداء بهدْيه في كل الأمور، ثم نَدرُس سيرة الصحابة، وفي مقدمتهم الرعيل الأول؛ أمثال: أبي بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، وغيرهم، وباقي الصحابة من بداية إسلامهم إلى وفاتهم.

كذلك الاهتمام بحياة الصالحين من التابعين وتابعي التابعين، ومَن سار على منهجهم من الصالحين إلى يوم الدين.

لا نُنكر أن حياة معظم أولئك الناس كلها صلاح، لكن الذي يهمُّنا غالبًا في سيرتهم هو جوانب معيَّنة مُضيئة من حياتهم، نأخذ منها العِبر والدروس.

في هذا المقال نحاول أن نَستعرض جانبًا من حياة بعض الصالحين، والمِحَن والابتلاءات التي مرُّوا بها؛ عسى أن نَستفيد منها، وتكون لنا درسًا نَستعين به في حياتنا.

محنة الإمام أحمد بن حنبل

نشأة الإمام:
وُلِد أحمد بن حنبل في بغداد سنة 161 هجرية، مات أبوه وهو صغير، فربَّته أمُّه أفضل تربيةٍ، وكانت لا تَبخَل عليه بالنفقة بالرغم من فَقرها.

شبَّ الإمام محبًّا للعلم، فحفِظ كتاب الله وهو فتًى صغير، وتعلَّم الحديث وهو في الخامسة عشرة، ورحَل في طلب الحديث إلى الشام والحجاز واليمن، ومختلف مدن العراق وعُمرُه عشرون سنة.

كان يعيش على كِراء عقار ترَكه له أبوه، وكان يرفض عطايا الخلفاء، ولا يَقبل مِنحة من أحد، فعاش عفيفًا، قالوا: إذا رأيتَ الرجل يحب الإمام أحمد، فاعْلَم أنه صاحبُ سُنةٍ.

قال الشافعي - وهو من شيوخ الإمام أحمد -: خرَجتُ من بغداد فما خلَفتُ بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفْقه من أحمد بن حنبل.

لقد ترَك لنا كتبًا كثيرة، أشهرها: مسند الإمام أحمد، الذي حوى أكثر من أربعين ألف حديث، وشُرِح من قِبَل الكثير من العلماء، وكذلك كتاب "السُّنة"، وكتاب "معرفة الرجال"، وكتاب "الرد على الجهمية والزنادقة".

قال أبو سراج بن خزيمة - وهو ممن كان مع أحمد بن حنبل في الكُتَّاب صغيرًا -: إن أبي جعل يَعجب من أدب أحمد وحُسن طريقته، فقال لنا ذات يوم:أنا أُنفق على أولادي وأجيئهم بالمؤدِّبين على أن يتأدَّبوا، فما أراهم يُفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيمٌ، انظر كيف يَخرج؟!

الفِرق الإسلامية الضالة:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بني إسرائيل افترَقت على إحدى وسبعين فِرقة، وإن أُمتي ستَفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة))؛ رواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني.

لقد بدأ تفرُّق الأمة الإسلامية منذ عهد علي بن أبي طالب، عندما نَشأ الخوارج، ثم ظهَرت الشيعة.

وما زالت الفِرَق الضالة تظهر باستمرارٍ، وأهم تلك الفرق الآن هي الشيعة والأحمدية التي ظهَرت في الهند بمساعدة الاستعمار الإنجليزي آنذاك، والآن أصبح لها نشاط مَحموم في إفريقيا؛ لذا يجب على كل مسلمٍ ومسلمة أن يكون مُلِمًّا بالفرق المنحرفة؛ حتى يَحذَرها، فبعض تلك الجماعات يكون انتماؤها للإسلام انتماءً اسميًّا فقط؛ مثل: الأحمدية التي أجمَع علماء الأمة على كفرهم، والبعض الآخر، وإن لم يكن خارجًا عن الإسلام، فإن انحرافه العقدي شيءٌ خطير يَجعل المسلم على شَفا حُفرة من نار.

من بين تلك الفرق أيضًا المعتزلة، وقد أصبحت الآن نادرة الوجود، فلقد أخذت مكانها فرقٌ أخرى لا تقِل عنها ضلالة.

لقد كان للمعتزلة سيادة في عهد المأمون وأخيه المعتصم، وابن المعتصم الواثق، تلك الفرقة تَعتمد على التفسير العقلي لكلِّ أمور الدين؛ مما تسبَّب في تأويلهم الباطل لمعظم المسائل الإسلامية، وذلك هو سببُ انحرافهم عن العقيدة الصحيحة.

فتنة خلْق القرآن:
البعض يقول: إن القرآن مخلوق؛ مثل الأرض، ومثل الحيوان، ومثل الإنسان، وهذا الزعم الباطل يجرُّ إلى أمور أخرى خطيرة؛ فالقول بخلْق القرآن يُبطل قوله تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54].

فتلك الآية تعني أن الله يَخلق الخلق ويأمر بالكلام، فزَعْمُ المعتزلة يَنفي كلَّ ذلك، وكل شيء يَعتبره مخلوقًا، كذلك كلام الناس، وهو مخلوق - لا شكَّ في ذلك - يتساوَى مع كلام الله إذا زعَمنا أنه مخلوقٌ، والدليل على أن القرآن كلام الله هو قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].

فالقرآن كلام الله، فالله يتكلَّم كما نحن نتكلَّم، لكن بكيفيَّة أخرى لا نَعرفها، كما يَسمع ويُبصر بطريقة لا نُدركها، فالمسلم يقول كما قال سفيان بن عُيينة: القرآن كلام الله، من قال: مخلوق، فهو كافر، ومَن شكَّ في كفره، فهو كافرٌ.

تفاصيل مِحنة ابن حنبل:
لقد ابتدأت الفتنة الحقيقية في نهاية عهد المأمون سنة 218 هجرية، ولقد كانت البدعة موجودة قبل ذلك، لكن كان الناس أحرارًا في اعتقادهم، حتى جاء كبار المعتزلة؛ مثل: أحمد بن أبي دؤاد قاضي القضاة عند المأمون، ومحمد بن عبدالملك بن الزيات وزير المعتصم والواثق، وهرثمة أحد رجال الخلافة.

كان المأمون في البداية يَنشر تلك البدعة بلا إكراهٍ للناس، لكن لَمَّا رأى انصراف الناس عنها والْتزامَهم بحجَّة العلماء؛ لأن حجتهم كانت واضحة وأقوى، فلمَّا رأى ذلك، أصرَّ على استخدام القوة، وبدأ بالعلماء؛ ليُجبرهم على القول بتلك البدعة، فأخذ الكثير من العلماء بمبدأ التقيَّة، وخافوا من التعذيب، فأجابوا المأمون إلى بِدعته، ولم يَثبُت في تلك الفتنة أيام المأمون إلا قلَّة من العلماء، ومن بينهم عالمان جليلان؛ هما: أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح؛ حيث أُرسِلا من بغداد إلى المأمون في طرسوس، وهي في تركيا، حيت يُقيم المأمون.

مات محمد بن نوح في الطريق وهو مكبَّل بالأغلال، فبقِي أحمد بن حنبل وحيدًا أمام جبروت السلطان؛ إن أجاب المأمون إلى بدعته، فستَسير الأمة كلها معه، وإن قاوَم الطغيان، فسيتعرَّض للعذاب الشديد؟!

قال له أحد الرجال: يا هذا، أنت اليوم رأس الناس، والناس يقتدون بك، فوالله لئن أجبتَ ليُجبينَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلْق الله تعالى، وإن أنت لم تُجب ليَمْتَنِعَنَّ خلق كثيرٌ من الناس، ومع هذا فإن الرجل إن لم يَقتلك، فإنك تموت، ولا بدَّ من الموت؛ فاتَّقِ الله، ولا تُجبهم إلى شيءٍ، فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء الله، ما شاء الله.

كان المأمون مصرًّا على قتْل كل مَن يَرفض قوله قائلاً: لأَقْتُلنَّه، وأُقَطِّعَنَّه إرْبًا إرْبًا؛ لهذا كان ابن حنبل يدعو الله ألا يَجمعه بالمأمون، ثم لم يَمضِ زمن كثير حتى جاءَه خبر وفاة المأمون، واستجاب الله دعاء الإمام.

جاء بعده المعتصم الذي سار على نهْج أخيه المأمون، فعذَّب ابن حنبل عذابًا شديدًا.

أرسل أحمد إلى المعتصم وناظَر أحمد بن أبي دؤاد كبير القضاة، ومن كبار المعتزلة، فأفْحَمه ابن حنبل، ولقد استمرت تلك المناظرات ثلاثة أيام، وكان فقهاء الخلافة يُحرِّضون المعتصم على قتْل الإمام، ويقولون: اقتُله ودمُه في رقابنا.

قال أحمد في السجن: لست أُبالي بالحبس، وما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتْلاً بالسيف؛ إنما أخاف فتنة السَّوط، فسمِعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليك يا أبا عبدالله، فما هو إلا سوطان، ثم لا تدري أين يَقع الباقي، فكأنه سُرِّي عنه، قالوا له في التقيَّة من الإجابة، فقال: فماذا تصنعون بحديث خبَّاب: ((إنه كان فيمن كان قبلكم، يُؤتى بالرجل، فيُنشر بالمِنشار))، فأَيِسْنا منه، ثم أمر بخلْع ملابسه وضرْبه بالسِّياط، ويقول للجلاَّدين: أوجِع، قطَع الله يدَك، واستمرَّ ذلك التعذيب فترة طويلة والإمام صابرٌ مُحتسب، ثابت على عقيدته لا يَتزحزَح، ثم قال للجلادين: تقدَّموا، فلمَّا ضُرِب سوطًا، قال: بسم الله، فلمَّا ضُرِب الثاني، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلمَّا ضُرِب الثالث، قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، فلمَّا ضُرِب الرابع، قال: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة: 51].

واستمرَّ مسجونًا ثلاثين شهرًا أو أكثر، ثم أمَر المعتصم بإطلاق أحمد من الحبس، ولَمَّا دخَل بيته، لم يَقدِر على الحركة من قوة الضرب؛ ولهذا لَمَّا قيل للإمام أحمد أيام المحنة: يا أبا عبدالله، انتصَر الباطل على الحق، قال: والله ما انتصَر الباطل على الحق.

ثم تولَّى الخلافة من بعده ابنه الواثق سنة 227 هجرية، الذي أظهر ما أظهَر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد - رأس المعتزلة - وأصحابه، واشتدَّ الأمر على أهل بغداد، فمُنِع الإمام أحمد من الخروج للدرس والاجتماع للنَّاس، فانقطَع الإمام أحمد عن التدريس مدة تزيد على خمس سنوات، حتى توفي الواثق (232هـ).

مقتل العالم نُعيم بن حَمَّاد:
لقد قُتِل في الفتنة علماء كثيرون؛ منهم: نُعيم بن حماد، وهو عالم حديث مشهور، وهو شيخ العالم البخاري المشهور.

امتحَن والي مصر العالمَ الجليل نُعيم بن حمَّاد، فردَّ تلك البدعة وأصرَّ على قول الحق، فقيَّده وأرسله إلى المعتصم في سامراء بالعراق، لكنه استمرَّ في ثباته على الحق، فسجَنه المعتصم بقيوده، واستمرَّ في السجن سبع سنوات حتى مات سنة 229 هجرية، ولَمَّا شعَر بدُنوِّ أجَله، أوصى بأن يُدفَن في قيوده وقال: إني مخاصمٌ؛ أي: عندما يقف بين يدي ربِّه؛ ليُخاصم مَن أذاه في الله وظلَمه بغير حق.

ظنَّ خصومه أنهم استراحوا من عدوِّهم، ورأوا أن ما فعَلوه به لم يَشفِ غيظهم؛ لذا عزَموا على أن يَجروه بقيوده، وألْقَوه في حفرة، وترَكوه، فلم يُغسلوه ولم يُكفِّنوه، ولم يُصلوا عليه.

المناظرة التي أنهت المحنة:
كان الخليفة الواثق مستمرًّا في فرْض بدعته على العلماء، حتى جاءت المناظرة التي أنهت تلك المِحنة، إنها المقابلة بين أحد رؤوس الفتنة، وهو القاضي أحمد بن أبي دؤاد، وأحمد بن إسحاق الأزدي وهو مقيَّد بالسلاسل.

قال الشيخ: يا بن أبي دؤاد، أقولُك بخلق القرآن واجبٌ في أصول الدين، فلا يكون كاملاً إلا بما قلت؟ قال ابن أبي دؤاد: نعم.

قال الشيخ: قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

فهل كان الله الصادق في إكمال دينه، أم أنت الصادق في نُقصانه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، واحدة.

قال الشيخ: هل ستَر الرسول شيئًا مما أُمر به عن المسلمين في أمر دينهم؟ قال ابن أبي دؤاد: لا، قال الشيخ: أفدعا إلى مقالتك هذه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، قال الشيخ: اثنتان يا أمير المؤمنين.

قال الشيخ: أمقالتك عَلِمها رسول الله أم جَهِلها؟ قال: عَلِمها، قال الشيخ: أفدعا إليها؟ فسكت ابن أبي دؤاد، قال الشيخ: ثلاث يا أمير المؤمنين.

قال الشيخ: أخبِرني يا بن أبي دؤاد لَمَّا علِم رسول الله مقالتك التي دعوت الناس إليها، هل وسِعه أن أمسَك عنها أم لا؟ قال ابن أبي دؤاد: علِمها وسكت عنها، قال الشيخ: وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم؟ قال: نعم، قال الشيخ: أفوسِع رسولَ الله أن علِمها وأمسَك عنها كما زعَمتَ، ولم يُطالب بها أُمَّته؟ قال: نعم، فأعرَض الشيخ عنه، وأقبل على الخليفة يقول: يا أمير المؤمنين، إن لم يَسعه ما وسِع رسول الله السكوت عنه، فلا وسَّع الله على مَن لم يَسعه ما وسِع رسول الله.

قال الواثق: نعم لا وسَّع الله على مَن لم يَسعه ما وسِع رسول الله أن يسكتَ عنه، فبكى وأمر بحلِّ قيوده، فجاذب الشيخ الحداد، وقال: يَوَدُّ لو يَحتفظ بتلك القيود، قال الواثق: ولِم؟ قال الشيخ: نوَيت أن أجعلها بيني وبين كفَني؛ لأُخاصم بها هذا الظالم يوم القيامة، وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكى الحاضرون.

وبعد هذه المناظرة بيَّت الولاة النية على رفْع المِحنة عن العباد، فلمَّا تولَّى المتوكل الخلافة سنة 232هـ، انتصر لأهل السنة؛ فإنه كان محبًّا للسُّنة وأهلها، ورفَع المحنة عن الناس، وكتَب إلى الآفاق: لا يتكلَّم أحد في القول بخلق القرآن.

نهاية الظالمين:
عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفلته؛ ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]))؛ متفق عليه.

لقد غفَل أولئك الظالمون أن الله كان لهم بالمرصاد، فإن يُمهل، لكنه لا يُهمل عقاب الظالمين العقابَ الأليم.

عاقبة أحمد بن أبي دؤاد:
أما القاضي المعتزلي أحمد بن أبي دؤاد، الذي كان يُفتي بجواز ضرْب العلماء وسجْنهم وقتْلهم، فإنه سُئل بعد قتْل الواثق للإمام أحمد بن نصر الخزاعي، فقال: ضرَبني الله بالفالج - أي: الشلل - إنْ قتله الواثقُ إلا كافرًا، فيشاء الله - جل وعلا - بقُدرته وعظَمته أن يُصاب هذا الرجل في آخر حياته بالفالج، فمكَث أربع سنوات قبل موته طريحًا في فراشه.

لقد حبَسه الله وعذَّبه في جلده، كما تسبَّب هو في حبْس الإمام أحمد وتعذيبه، وزاد الله عليه همَّه وغمَّه، فعزله المتوكل من وظيفته، كما تسبَّب هو في فصْل عشرات ومئات الأشخاص من وظائفهم، بل أمَر المتوكل بمُصادرة جميع أمواله، ثم أُتِي بولده محمد، فصُودِرت أمواله ومات قبل أبيه بشهرٍ، ثم مات الأب بعده بهمِّه وغمِّه، وتلك - والله - سُنة الله في خلقه.

نهاية الجلاَّدين:
ومن الناس الذين جعَلهم الله - عز وجل - عِبرة لغيرهم في هذه المِحنة: الجلادون الذين كانوا يَضربون الإمام أحمد بالسياط، فكان منهم رجلان: أبو ذر، وأبو العروق.

أما أبو ذر، فكان ممن يضرب الإمامَ بين يدي المعتصم، فأُصيب بالبَرص والمرض، وتقطَّع جسمه، وأهلَكه الله بسوء عمله، وأما أبو العروق، فكان هلاكه أسوأَ من صاحبه، فمكَث خمسة وأربعين يومًا يَنبِح كما يَنبِح الكلب، ابتلاه الله بمرضٍ، فصار يَنبح كالكلاب، سبحان الله، هل نفع الجلادين أن يقول أحدهم: أنا عبدٌ مأمور؟ كلاَّ، إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

جزاء الوزير ابن الزيات:
أما ابن الزيَّات، فقد قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتْل أحمد بن نصر، فقال: يا أمير المؤمنين، أحرَقني الله بالنار، إن قتَله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرًا، أمَّا هرثمة، فقال: قطَّعني الله إرْبًا إرْبًا، إن قتله إلا كافرًا.

هكذا قالوا، فكيف كانت نهاية كل واحد منهم؟

أما ابن الزيات الوزير، فقد ساءت الأحوال بينه وبين المتوكل، فأصدر أمرًا بالقبض عليه واعتقاله، فقُيِّد بالحديد وأُدخِل السجن، وصُودِرت أمواله وبساتينه، ثم أمَر الخليفة أن يُعذَّب، وأن يُمنع من الكلام والنوم، ثم وُضِع بعد ذلك في تَنُّورٍ من خشبٍ، فيه مسامير قائمة في أسفله، فأُقيم عليها، حتى مات وهو كذلك.

مصير هرثمة:
وأما هرثمة الذي قال: قطَّعني الله إرْبًا إرْبًا، فقد هرب من المتوكل، فمرَّ بقبيلة خزاعة - قبيلةِ الإمام أحمد بن نصر الخزاعي - فعرَفه رجل من الحي، فصرَخ بالناس: يا معشر خزاعة، هذا الذي قتَل ابن عمِّكم أحمد بن نصر، فاجتمع الناس عليه، وقطَّعوه إرْبًا إرْبًا، وجزاء سيِّئة بمثلها.

أخي الكريم، أُختي المسلمة، إنها لعبرة لمن أراد أن يَعتبر، فهكذا جزاء كلِّ مَن عذَّب أولياء الله، ومنَع نشْر الحق بين الناس.

دروس مستفادة من تلك المحنة:
قد عاش ابن حنبل يتيمًا، فاليُتم قد يَصنع الرجال؛ لأنه يَجعل اليتيم يعتمد على نفسه.

هكذا كان ابن حنبل مجاهدًا طالبًا للعلم، معتمدًا على نفسه، فكان من الأئمة الذين يَهتدي الناس بهدْيهم.

﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2 - 3].

﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].

المؤمن الصادق الإيمان، يَزداد إيمانًا مع إيمانه، وضِعاف النفوس يَسقطون في الهاوِية، وهذا الذي حدَث في تلك الفتنة؛ فلم يَثبُت فيها إلا الصالحون؛ أمثال ابن حنبل.

دائمًا الطغاة المستبدون يُحاربون قلب الأُمة، وهم العلماء والدعاة المخلصون، فإذا استطاعوا التخلُّص منهم، أمكَنهم السيطرة على عامة الناس.

المؤمن القوي الإيمانِ لا يَشعر بآلام التعذيب في سبيل الله، إلا الضربة الأولى، بل يَنزل عليهم العذاب بردًا وسلامًا، ويَستبدله الله بلذَّة الإيمان؛ هكذا كان ابن حنبل لا يُعذَّب حقيقة، بل الجلادون والطُّغاة هم الذين يُعذَّبون.

لقد قال أحد الصالحين: لو يَعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه من لذَّة، لحارَبونا عليها بالسيوف.

إخوة الإيمان، يجب ألا تَخافوا من سطوة المتجبِّرين؛ فإنهم لا سبيلَ لهم إليكم ما دمتُم متمسكين بالحق، ولن يضرَّكم كيدهم شيئًا.

العالِم بحاجة إلى النصيحة ككلِّ الناس، خصوصًا أثناء المحن؛ لهذا كان للنصيحتين اللتين تلقَّاهما ابن حنبل أبلغُ الأثر عليه، فازداد ثباتًا على الحق، فمن واجبنا أن نَنصح العلماء المخلصين؛ ليَثبُتوا على الحق.

العالِم هو قِبلة الناس، فيجب عليه ألا يأخذ بالرُّخصة، بل يعمل بالعزيمة، فلو أخَذ ابن حنبل ومَن معه من العلماء بالرخصة، لسقَط كل الناس في الفتنة، واتَّبعوا البدعة.

دعاء الصالحين مستجاب، فلقد دعا ابن حنبل ألا يرى المأمونَ عندما عرَف أنه مصمِّم على قتْله، فاستجاب الله دعاءَه.

هل وعى المستبدون تلك الحقيقة، فتجنَّبوا تعذيب الدعاة الصالحين؟ أم أن الشيطان أعمى بصيرتهم، فلا يَدرون أنهم يُهلكون أنفسهم، والصالحون يدْعون عليهم وهم لا يشعرون؟

الطغاة والظَّلَمة يَرِث بعضهم بعضًا، فلقد جاء المعتصم بعد المأمون، وسار على نفس الطغيان، ثم جاء الواثق وكان لا يَحيد عن الظلم شيئًا.

نُصرة الحق لا تحتاج إلى كثرة أتْباعٍ، أو وفرة أسلحةٍ، بل تحتاج فقط إلى مَن يتمسَّك به، ويتحمَّل في سبيل الحق الأذى.

الذين ثبَتوا في وجه الطغيان، وتحدَّوا البدعة الضالة المُضلَّة، هم قلة من العلماء، لكنَّهم كانوا أقوى من أيِّ جيشٍ، فلم يأْبَهوا لقوة الخلفاء أو طُغيانهم.

أخي المسلم، أختي المسلمة، لا تَعتذر بأنك وحيد، ليس أحد معك، فتترك الأشرار يُخربون البلاد وينشرون الفساد، بل تمسَّك بالحق ولا تَعجِز، وكن على يقينٍ بأن الله معك.

نقول دائمًا للأشرار قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ﴾ [التوبة: 52].
موقعنا  http://bit.ly/Tq1fVA

أخي المسلم، أختي المسلمة، إن كنت ترى هذا الكلام من الحق، فانشُره بين إخوانك؛ لتنال الثواب العظيم؛ فالدال على الخير كفاعله، وعسى أن يمتدَّ ثوابك بعد الموت بهذا العمل وتستمرَّ حسناتك وأنت في قبرك، ما دام هناك مَن يستفيد من هذه الكلمات.

siege auto

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق